السؤال...
هناك من يحثنا على الاستغفار الكثير برجاء تحقق أمر نتمناه،
كالزواج أو النجاح، أو الحصول على الوظيفة أو الذرية.
فهل هذا الفعل جائز أم أنه بدعة؟
الجواب الحمد لله وحده، وبعد:
فقد أمر الله تعالى عباده بالاستغفار،
وحثهم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عليه،
وبيَّن أنه يترتب عليه مصالح كثيرة للعباد في
سورة نوح:"فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً
يرسل السماء عليكم مدراراً
ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً".
وفي سورة هود:" يا قوم استغفروا ربكم
ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى قوتكم"
. وقال تعالى:"ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً".
وقال عليه الصلاة والسلام:"من أكثر من الاستغفار
جعل الله عز وجل له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً،
ورزق من حيث لا يحتسب".
رواه أبو داود وابن ماجة والحاكم وقال صحيح الإسناد.
وأعقبه الذهبي بأن في سنده جهالة.
والمفهوم من هذه النصوص وأمثالها
أن الاستغفار وسيلة من الوسائل التي يمكن للعبد أن يستعملها لتحقيق مطلوبه
من إنزال المطر واستجلاب الرزق والذرية والقوة
وحصول مغفرة الذنوب، وتفريج الكروب، والخروج من الهموم.
وقد وردت نقول عن السلف وأحاديث مرفوعة تدل على هذا المعنى
في بعض أسانيدها نظر، وهي إن صحت كانت شاهدة لهذا المعنى،
وإلا فالأصل في هذا الباب أن الشرع بيَّن أن الاستغفار يحقق نتائج
فلا حرج على من استغفر لتحقيقها.
نقل ابن كثير في تفسيره سورة نوح (14/140)
قال:"روى عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه صعد المنبر
يستسقي فلم يزد على الاستغفار ثم قال: لقد طلبت الغيث بمجاديح
السماء التي يُستنزل بها المطر.
ونقل في تفسيره سورة الطلاق (14/33)
عن محمد بن إسحاق أن مالك الأشجعي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
أُمر بني عوف. فقال له رسول الله: أرسل إليه أني آمره
أن يكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فسقط القيد عنه
ولم يفجأ أبويه إلا وهو ينادي بالباب:"ومن يتق الله يجعل له مخرجاً
ويرزقه من حيث لا يحتسب".
وقد ذكر الحديث المنذري في التهذيب (2/436)
وقال محمد بن إسحاق لم يدرك مالكاً.
جاء رجل للحسن يشكو إليه العقم فأمره بالاستغفار،
فعاد إليه ثانية فكرر أمره بالاستغفار كان بعد حين حملت زوجته.
يبقى في المسألة أمر: هو هل لمن استغفر بقصد
دنيوي أجر عند الله تعالى أم هو ممن استعجل الدنيا كما
قال تعالى:"من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم
أعمالهم فيها وهم لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم
في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما يعملون
". قال ابن كثير:" من عمل صالحا التماس الدنيا لا يعمله
إلا لالتماس الدنيا يوفيه، والذي التمس في الدنيا من المثابة
فهو في الآخرة من الخاسرين.
هذا يدل على أن الإنسان إذا عمل عملاً صالحاً
أراد به الدنيا فقط، ولم يقصد به ثواب الآخرة أنه لا ثواب آخرة،
وأما إن قصد به ثواب الآخرة فقط أو ثواب الآخرة
وحصول المقصود في الدنيا فإنه على ذلك،
وقد نقل ابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/82) عدة نصوص تدل على ذلك.
والله تعالى أعلم.
المفتي الشيخ الدكتور هاني بن عبدالله الجبير