الحمدُ للهِ الذي بنعمتِهِ تتِمُّ الصالحات، وبفضلهِ تتنزلُ الخيرات، وبتوفيقهِ تتحققُ الغايات، الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتديَ لولا أن هدانا الله.
وأزكى صلوات اللهِ وتسليماتِهِ على الرحمةِ المهداة، والنعمةِ المسداة، البشيرِ النذير، والسراجِ المنير، الذي أخرجَ اللهُ به الناسَ من الظلماتِ إلى النور، وهداهم إلى صراطهِ المستقيم، ومَنَّ به على المؤمنين، ليتلوَ عليهم آياتِهِ ويزكيهم ويعلمُهم الكتابَ والحكمةَ، وإن كانوا من قبلُ لفي ضلال مبين. ورضي اللهُ عن آلهِ وصحبِهِ ، الذين آمنوا به وعزَّروهُ ونصروهُ، واتبعوا النورَ الذي أُنزِلَ معه أولئك هم المفلحون، وعمن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) .
(أما بعد) فهذه فتاوى لعلمائنا الكرام تهم الصائمين والصائمات حول بعض الأحكام التي يكثر السؤال عنها في شهر رمضان ، جمعناها لكم ؛ لنذكركم بها . نسأل الله أن ينفعنا بها واياكم .
اولا – المعاصي واثرها على الصوم :
السؤال : هل عدم حفظ اللسان والسمع والبصر والجوارح عن الحرام يبطل الصوم؟
الجواب : ذهب بعض السلف إلى أن المعاصي تفطِّر الصائم فمن ارتكب بلسانه حرامًا كالكذب،والغيبة والبهتان، أو استمع بأذنه إلى حرام كالفحش والزور، أو نظر بعينه إلى حرام كالعورات ومحاسن المرأة الأجنبية بشهوة، أو ارتكب بيده حرامًا كإيذاء إنسان أو حيوان بغير حق، أو أخذ شيئًا لا يحل له، أو ارتكب برجله حرامًا، بأن مشى إلى معصية، أو غير ذلك من أنواع المحرمات، كان مفطرًا.
فاللسان يُفطِّر، والأذن تُفطِّر، والعين تُفطِّر، واليد تُفطِّر، والرجل تُفطِّر، كما أن البطن تُفطِّر، والفرج يُفطِّر. ومن ارتكب معصية في صومه فعليه القضاء، وهو ظاهر ما روي عن بعض الصحابة والتابعين. وهو مذهب الإمام الأوزاعي، وهو ما أيده ابن حزم من الظاهرية. وقد استدلوا باحاديث نبوية شريفة منها : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " وقال: " رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش " وقال "الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب - وفي رواية: (ولا يجهل) - فإن امرؤ سابه أو قاتله فليقل: إني صائم، مرتين " وكذلك يستدل لهذا القول بقول و بفعل السلف .. فعن إبراهيم النخعي قال: كانوا يقولون: الكذب يفطِّر
الصائم وقال عمر بن الخطاب: ليس الصيام من الشراب والطعام وحده، ولكنه من الكذب والباطل واللغو. وقال جابر بن عبد الله الأنصاري: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب، والمأثم، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ولا تجعل يوم فطرك ويوم صومك سواء.. وكان أبو هريرة وأصحابه إذا صاموا جلسوا في المسجد، وقالوا: نُطهر صيامنا.
وعن ميمون بن مهران: إن أهون الصوم ترك الطعام والشراب.
وأما جمهور العلماء: فرأوا أن المعاصي لا تُبطل الصوم، وإن كانت تخدشه وتصيب منه، بحسب صغرها أو كبرها. وذلك أن المعاصي لا يسلم منها أحد، إلا من عصم ربك، وخصوصًا معاصي اللسان ؛ ولهذا قال الإمام أحمد: لو كانت الغيبة تفطّر ما كان لنا صوم!.
هذا الإمام أحمد وهو من هو في ورعه وزهده وتقواه، فماذا يقول غيره؟!.
ويؤكد هؤلاء العلماء: أن المعاصي لا تبطل الصوم، كالأكل والشرب، ولكنها قد تذهب بأجره، وتضيع ثوابه. بمعنى انه اذا بعث العبد يوم القيامة فإنه لا يطالب بالصيام لانه مؤد له لكنه سيحاسب على الذنوب التي ارتكبها اثنائه ، اذ السيئات تأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب .
والحق أن هذه خسارة ليست هينة لمن يعقلون، ولا يستهين بها إلا أحمق. فإنه يجوع ويعطش ويحرم نفسه من شهواتها، ثم يخرج في النهاية ورصيده (صفر) من الحسنات!.
وقد قدم الجمهور شرحا لحديث: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس للّه حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".فقال قائلهم وهو الإمام أبو بكر بن العربي في شرح الحديث : (مقتضى هذا الحديث: أن من فعل ما ذُكر لا يثاب على صيامه، ومعناه أن ثواب الصيام لا يقوم في الموازنة بإثم الزور وما ذكر معه). أي ان حسنات صومه لا تقاوم سيئات عمله هذا .
بناء على ما سبق عرضه فإن هنالك فرقا بين القول : ان المعصية تبطل الصوم ، وهو ما ذهب اليه بعض علماء السلف ، وبين القول ان المعصية تنقص من اجر الصوم ، وهو قول الجمهور.
ثانيا – مشاهدة التلفزيون وأثرها على الصوم :
السؤال : هل لمشاهدة التلفزيون اثر على الصوم ؟
الجواب :: التلفزيون عموما آلة كالسكين ان استعملت في الخير فهي خير ، وان استعملت في الشر فهي شر .
وهو وسيلة من الوسائل، والوسائل لها حكم المقاصد دائمًا، فالتليفزيون كالإذاعة ... وكالصحافة .. فيها ما هو طيب وما هو خبيث. وعلى المسلم أن ينتفع بالطيب، وأن يتجنب الخبيث، سواء كان صائمًا أم غير صائم ... ولكن في الصيام، على المسلم أن يحتاط أكثر، حتى لا يفسد صومه، وحتى لا يذهب أجره ويحرم من مثوبة الله عز وجل.
فمشاهدة التليفزيون، لا أقول فيها حلال مطلق ولا حرام مطلق . وإنما يتبع ذلك الشيء الذي يشاهد في هذا الجهاز: فإن كان خيرًا جازت رؤيته، وسماعه، كبعض الأحاديث الدينية، ونشرات الأخبار، والبرامج الموجهة إلى الخير .. وإن كان شرًا كبعض المشاهد الراقصة الخليعة ونحو ذلك، فهذا يحرم رؤيته في كل وقت، ويتأكد ذلك في شهر رمضان. وبعض المشاهدة تكره رؤيتها وإن لم تصل إلى درجة الحرمة.
وكل وسيلة من الوسائل تصد عن ذكر الله فهي حرام ...
فإذا كانت مشاهدة التليفزيون، أو سماع الراديو وغير ذلك، يلهي عن واجب أوجبه الله على عباده كالصلاة .. ففي هذه الحالة يحرم .. يحرم الاشتغال عن الصلاة بأي شيء ...
مشاهدة الصور المحرمة محرمة -كما لا يخفى-
وأما نظر الصائم إليها فلا يضر بصومه فيما يرجع إلى الإفطار فلا يجب القضاء، وإن كان يؤثِّر على كمال الصوم كما نقلنا عن الجمهور في المسألة السابقة .
ثالثا - استعمال الإبر في الوريد والعضل وغيرها:
السؤال : ما حكم استعمال الإبر في الوريد , و في العضل ، وابر التغذية ؟ وامور اخرى في التداوي .
الجواب :. ان الحقن والإبر أنواع فمنها ما يؤخذ كدواء وعلاج ، سواء كان في الوريد أو في العضل أو تحت الجلد كالابرالشرجية فهذه حلال و لا مجال للخلاف فيها ، فهي لا تصل إلى المعدة ، ولا تغذي ، فهي لذلك لا تفطر الصائم ولا مجال للكلام هنا ، إنما هناك نوع من الإبر يصل بالغذاء مصفى إلى الجسم ، كإبر الجلوكوز فهي تصل بالغذاء إلى الدم مباشرة ، فهذه قد اختلف فيها علماء العصر ، حيث أن السلف لم يعرفوا هذه الأنواع من العلاجات والأدوية، ولم يرد عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا عن الصحابة ولا عن التابعين ولا عن العصور الأولى شيء في هذا الأمر، فهذا أمر مستحدث ؛ ولهذا اختلف فيه علماء العصر، فمنهم من يرى هذا النوع مفطرًا لأنه يصل بالغذاء إلى أقصى درجاته حيث يصل إلى الدم مباشرة، وبعضهم يقول : إنها لا تفطر أيضًا ، وإن كانت تصل إلى الدم لأن الذي يفطر هو الذي يصل إلى المعدة ، والذي يشعر الإنسان بعده بالشبع، أو بالري فالمفروض في الصيام هو حرمان شهوة البطن وشهوة الفرج ، أي أن يشعر الإنسان بالجوع وبالعطش ، ومن هنا يرى هؤلاء العلماء أن هذه الإبر المغذية أيضًا لا تفطر.
ومع أن هذا الرأي الأخير رأي قوي الا ان الأحوط على كل حال أن يمتنع المسلم عن هذه الإبر ( ابر التغذية ) في نهار رمضان ، فعنده متسع لأخذها بعد الغروب . وإن كان مريضًا فقد أباح الله له الفطر ، فإن هذه الإبر وإن لم تكن تغذي بالفعل ، تغذية الطعام والشراب وإن لم يشعر الإنسان بعدها بزوال الجوع والعطش كالأكل والشرب المباشرين ، فهو على الأقل يشعر بنوع من الانتعاش ، بزوال التعب الذي يزاوله ويعاينه الصائم عادة، وقد أراد الله من الصيام أن يشعر الإنسان بالجوع والعطش ، ليعرف مقدار نعمة الله عليه ، وليحس بآلام المتألمين وبجوع الجائعين وبؤس البائسين .. فيخشى العلماء إذا فتحوا الباب لاستعمال هذه الإبر أن يذهب بعض القادرين الأثرياء فيتناول هذه الإبر بالنهار لتعطيهم نوعًا من القوة وقدرًا من الانتعاش لكي لا يحسوا كثيرًا بألم الجوع وبألم الصيام في نهار رمضان ، فالأولى أن يؤجلها الصائم إلى ما بعد الإفطار . ويتصل بالموضوع السؤال عن استعمال قطرة العين
السؤال : ما حكم استعمال قطرة العين والاذن في نهار رمضان ، هل تفطر أم لا ؟
الجواب : هذه كلها أشياء ربما يصل بعضها إلى الجوف ولكنها لا تصل إلى الجوف من منفذ طبيعي وليس من شأنها أن تغذي ولا أن يشعر الإنسان بعدها بانتعاش أو نحو ذلك ، وقد اختلف العلماء قديمًا وحديثًا في شأنها ما بين متشدد وما بين مترخص . فمن العلماء من حكم بأن هذه الأشياء مفطرة . ومن العلماء من قال بأن هذه الأشياء ليست مفطرة لانها وصلت الى الجوف من منفذ غير طبيعيً والمنافذ نوعان طبيعي وغير طبيعي او قل معتاد وغير معتاد ، والمختار ان استعمال الكحل ومثله القطرة في العين ومثل ذلك التقطير في الأذن وكذلك وضع المراهم ونحوها في الدبر لمن عنده مرض البواسير وما شابه ذلك ... والحقنة الشرجية أيضًا .. وهي التي يستعملها من يشكو الإمساك كل هذه الأمور لا تفطر، وهذا الذي و هو ما اختاره ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في (فتاويه) .
والأصل في هذا: أن الاكتحال والتقطير في الأذن ونحوها مما لم يزل الناس يستعملونه منذ أقدم العصور فهو مما تعم به البلوى، شأنه شأن الاغتسال والأدهان والبخور والطيب ونحوها ، فلو كان هذا مما يفطر لبينه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، كما بين
الإفطار بغيره فلما لم يبين ذلك علم أنه من جنس الطيب والبخور والدهن .. أي زيت الشعر ونحوها. قال ابن تيمية : والبخور قد يتصاعد إلى الأنف ويدخل إلى الدماغ ، وينعقد أجسامًا ، والدهن يشربه البدن ، ويدخل إلى داخله ويتقوى به ، وكذلك يتقوى بالطيب قوة جيدة ، فلما لم ينه الصائم عن ذلك ، دل على جواز تطيبه وتبخره ودهنه وكذلك اكتحاله . ومن جملة ما قال ابن تيمية في هذه الفتوى : أن الكحل لا يغذي ألبتة ، ولا يدخل أحد كحلاً إلى جوفه ، لا من أنفه ولا من فمه، وكذلك الحقنة (يعني الشرجية) لا تغذي بل تستفرغ ما في البدن ، كما لو شم شيئًا من المسهلات ، أو فزع فزعًا أوجب استطلاق بطنه ، وهي لا تصل إلى المعدة .. وهذا كلام جيد وفهم عميق لفقه الإسلام ، وهو الذي اختاره مشايخنا وافتوا به .
ويدخل في هذا استعمال التحاميل في نهار رمضان إذا كان الصائم مريضاً ؟
فإنه لا بأس أن يستعمل التحاميل التي تكون من دبره إذا كان مريضاً ، لأن هذا ليس أكلاً ولا شرباً ، ولا بمعنى الأكل والشرب ، والشارع إنما حرم علينا الأكل والشرب .
فما قام مقام الأكل والشرب أُعطيَ حكم الأكل والشرب ، وما ليس كذلك فإنه لا يدخل فيه لفظاً ولا معنى ، فلا يثبت له حكم الأكل ولا الشرب .
وقرر العلماء ان سريان البنج في الجسم لا يفطر ، وخروج الدم عند قلع الضرس ، ولكن لا يبلع الدم الخارج من الضرس .
استعمال بخاخ ضيق النفس للصائم .
يتصل بهذا استعمال بخاخ ضيق النفس للصائم فإنه لا يفطر
لكونه يتبخر ولايتجزأ الى الى اجزاء فيصل منه جرم إلى المعدة فلا يبطل الصوم بذلك .
ومثل هذا يقال عن دواء الغرغرة في نهار رمضان فإنه لا يبطل الصوم إذا لم يبتلعه ولكن ينبغي تركه إلا إذا دعت الحاجة وهو لا يفطر إذا لم يدخل الجوف شيء منه .
ويتبع هذا في الحكم سحب الدم للصائم
وذلك بغرض التحليل من يده اليمنى ، فمثل هذا التحليل لا يفسد الصوم ، بل يعفى عنه ، لأنه مما تدعو الحاجة إليه وليس من جنس المفطرات المعلومة من الشرع المطهر وكذلك استعمال الدهان المرطب للبشرة ه لا يضر بالصيام لإن الدهن إنما يبل ظاهر البشرة ولا ينفذ إلى داخل الجسم ثم لو قدر دخوله المسام لم يعد مفطراً .
ولعلك اخي تسأل عن استعمال فرشاة الأسنان
فتقول: بعد الإمساك هل يجوز لي تفريش أسناني بالمعجون ؟ وإذا كان يجوز هل الدم اليسير الذي يخرج من الأسنان حال استعمال الفرشاة يفطر ؟
والجواب: لابأس بعد الإمساك بدلك الأسنان بالماء والسواك وفرشاة الأسنان ، وقد كره الشافعي – رحمه الله - استعمال السواك للصائم بعد الزوال ( الظهر ) لأنه يذهب خلوف فم الصائم ، واجازه البقية وقالوا : خلوف فم الصائم يتصاعد من المعدة لا من الفم وان نسب اليه تجوزا وإنما ينقي الأسنان والفم من الروائح والبخر وفضلات الطعام .
فأما معجون الاسنان : فينبغي الحذر في استعماله لما فيه من الرائحة ، ولأن له طعماً قد يختلط بالريق لا يؤمن ابتلاعه فمن احتاج إليه استعمله بعد السحور قبل وقت الإمساك ، فإن استعمله نهاراً وتحفظ عن ابتلاع شئ منه فلا بأس بذلك للحاجة فإن خرج دم يسير من الأسنان حال تدليكها بالفرشاة أو السواك لم يحصل به الإفطار
رابعا - الاحتلام في نهار رمضان
السؤال :إذا احتلم الصائم في نهار رمضان هل يبطل صومه أم لا ؟ وهل تجب عليه المبادرة بالغسل ؟
الجواب : الإحتلام لا يبطل الصوم لأنه ليس باختيار الصائم وعليه أن يغتسل غسل الجنابة ولو احتلم بعد صلاة الفجر وأخّر الغسل إلى وقت صلاة الظهر فلا بأس وهكذا لو جامع أهله في الليل ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر لم يكن عليه حرج في ذلك قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصبح جنباً من جماع ثم يغتسل ويصوم
.. ولكن لا يجوز له تأخير الغسل أو الصلاة إلى طلوع الشمس ، وكذلك الصلوات الاخرى فمن نام عند الظهيرة نومة القيلولة فاحتلم فصومه صحيح لكنه يجب ان يغتسل حتى يؤدي الصلاة في وقتها .
خامسا - إذا تمضمض الصائم أو استنشق فدخل إلى حلقه ماء دون قصد :
السؤال: إذا تمضمض الصائم أو استنشق فدخل إلى حلقه ماء دون قصد ، هل يفسد صومه؟
الجواب: إذا تمضمض الصائم أو استنشق فدخل الماء إلى جوفه لم يفطر لأنه لم يتعمد ذلك لقوله تعالى { ولكن ما تعمدت قلوبكم } [الأحزاب:5] .
سادسا – ابتلاع البلغم او النخامة للصائم :
ما حكم بلع البلغم أو النخامة للصائم؟
البلغم, أو النخامة لا تفطر, إلحاقاً لها بالريقعند بعض العلماءفإن الريق لا يبطل به الصوم حتى لو جمع ريقه وبلعه فإن صومه لا يفسد.
ونكتفي بهذا القدر من مباحات ومكروهات ومحرمات الصيام ، والله المستعان وعليه التكلان ، وصلى الله على حبيبه محمد وآله وصحبه وسلم . الخطبة الثانية :
وبعد : فنواصل عرض مسائلنا ، حيث وصلنا الى السابعة منها عن صيام اهل الاعذار ونخص بالذكر الحامل والمرضع : اتفق الفقهاء في الجملة على أن الحامل و المرضع ، إذا خافتا على نفسيهما أو ولديهما ، أن لهما الفطر ، لكنهم اختلفوا في حكمها بعد ذلك على ثلاثة أقوال : القول الأول : عليهما القضاء فقط ، وهذا مذهب الإمامين أبي حنيفة ومالك والجمهور ؛ واصل مذهبهم قول عَلِيٌّ : عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ إذَا أَفْطَرَتَا وَلا فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا . دليلهم : واستدلوا بعدة أدلة : 1- عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ نِصْفَ الصَّلاةِ ، وَالصَّوْمَ ، وَعَنْ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ ) . فجعل النبي صلى الله عليه وسلم حكم الحامل والمرضع كالمسافر ، والمسافر يفطر ويقضي فكذلك الحامل والمرضع 2- . القياس على المريض ، فكما أن المريض يفطر ويقضي فكذلك الحامل والمرضع . القول الثاني : إن خافتا على أنفسهما فعليهم القضاء فقط ، وإن خافتا على ولديهما فعليهما القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم ، وهو مذهب الإمامين الشافعي وأحمد ؛ واصل مذهبهما قول ابْنُ عُمَرُ: عَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ وَالْقَضَاءُ " . ، وهو مأخوذ من الآية "وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ" لأنها تستطيع ولكنها أفطرت من أجل ولدها ؛ ولأن إفطارها ليس خوفاً على نفسها، وإنما خوفاً على ولدها. وفي تقديرنا أن هذا القول ضعبف ؛ فإنّ جمع الكفارة والقضاء عليهما فيه نظر ولا دليل قوياً عليه ،، ولهذا كان الأجود أن يقال : عليهما القضاء وليس عليهما الكفارة ؛ لأن السبب الذي أفطرتا به سبب شرعي سواء تعلق بهما أو تعلق بولدهما ، وهذا واضح جداً بالنسبة للحامل ؛ لأن الذي في بطنها يعتبر كعضو من أعضاءها غير منفصل عنها فهو كجزء منها، وربما تؤثر صحتها عليه وصحته عليها، فالقول بأن الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفاً على نفسيهما لهما حكم ، وإذا أفطرتا خوفاً على ولديهما لهما حكم آخر فيه نظر
. القول الثالث : عليهما الإطعام فقط ، ولا قضاء عليهما . ولم يقل به احد من المذاهب ، انما قال به منالصحابة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، وحكاه ابن قدامة في المغني (3/37) عنابن عمر أيضاً رضي الله عنهما.
روي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلَى الَّذِينَيُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ قَالَ كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِالْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْيُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُإِذَا خَافَتَا قَالَ أَبُو دَاوُد يَعْنِي عَلَى أَوْلادِهِمَا أَفْطَرَتَاوَأَطْعَمَتَا. قال النووي : إسناده حسن . وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَزَادَ فِي آخِرِهِ : وَكَانَ ابْنُعَبَّاسٍ يَقُولُ لأُمِّ وَلَدٍ لَهُ حُبْلَى : أَنْتَ بِمَنْزِلَةِ الَّتِي لاتُطِيقُهُ فَعَلَيْك الْفِدَاءُ , وَلا قَضَاءَ عَلَيْك , وَصَحَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ إسْنَادَهُ . قاله الحافظ في "التلخيص" . وهذا القولفي تقديري ضعيف ؛ لأنه مخالف للأئمة الأربعة ، وجمهور التابعين والفقهاء، ومن أهمالأدلة على ضعفه قول الله سبحانه وتعالى: " فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر "[ ولا يعذر بالفطر من غير بدل إلا العاجز الذي لا يستطيع القضاء مثلالمريض الذي لا يرجى برؤه، فهذا القول ضعيف، وإن كان صح عن ابن عمر وابن عباس ، فهوقول لهما لم يرفعاه إلى النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم. الرأي المختار : إن لهما الفطر وعليهما القضاء فحسب، وهو مذهب أبي حنيفة والجمهور .اما الشيخ والشيخة والمريض مرضا مزمنا فهؤلاء يبين حكمهم عند الكلام عن الفدية وهي مسألة ملحقة بصدقة الفطر ، التي يوضحها الفقهاء والدعاة قبيل العيد . هذه اهم المسائل التي وددنا عرضها اليوم وهناك مسائل اخرى مهمة لكن الوقت لا يسعفنا لعرضها .
رزقني الله وإياك صدق الصائمين .. وإقبال القائمين .. وخصال المتقين .. وحشرني وإياك يوم النشور في زمرة المنعمين .. وبلغني وإياكبرحمته ورضوانه درجات المقربين .. اللهمبلغنا رمضان أعواماً عديدة، وأزمنة مديدة، واجعلنا فيه من عتقائك من النار . اللهم انصر العراق .. اللهم انصر العراق .. اللهم انصر العراق .. اللهم ايد امة الاسلام .. اللهم ايد امة الاسلام .. .. اللهم ايد امة الاسلام .. اللهم اهزم امريكا ومن والاها ، اللهم لا تدع لهم قوة في الجو الا اسقطتها ، ولا في البر الا دمرتها ، ولا في البحر الا اغرقتها ،اللهم تقبل ارواح الشهداء ، واشف الجرحى ،وعاف المرضى ، ورد الاسرى والمعتقلين ، وحمداً لله تعالى دائماً بلا نقصان .. وصلاةوسلاماً على النبي وآله وأصحابه وأتباعهم بإحسان.