أولاً: حالهم مع قراءة القرآن:
قال ابن رجب: "وفي حديث فاطمة رضي الله عنها، عن أبيها صلى الله عليه وسلم أنه أخبرها أنّ جبريل عليه السلام كان يعارضه القرآن كل عام مرةً، وأنّه عارضه في عام وفاته مرتين([1]).
وفي حديث ابن عباس أنّ المدارسة بينه وبين جبريل كانت ليلاً ([2])، فدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلاً؛ فإنّ الليل تنقطع فيه الشواغل، وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر.
كما قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيْلِ هِىَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً** [المزمل:6]، وشهر رمضان له خصوصية بالقرآن، كما قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ** [البقرة:185]"([3]).
ولهذا حرص السلف رحمهم الله على الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان:
1- عن إبراهيم قال: كان الأسود بن يزيد يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليالٍ([4]).
2- وعن وِقا بن إياس قال: كان سعيد بن جبير يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء في شهر رمضان، وكانوا يؤخرون العشاء([5])
3- وعن عبد الملك بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير أنّه كان يختم القرآن في كل ليلتين([6])
4- وقيل: كان الوليد بن عبد الملك يختم في كل ثلاثٍ، وختم في رمضان سبع عشرة ختمه وكان يقول: "لولا أنّ الله ذكر قوم لوطٍ ما شعرت أن أحداً يفعل ذلك"([7])
5- وعن أبي عوانة قال: شهدت قتادة يدرس القرآن في رمضان([8])
6- وقال سلام بن أبي مطيع: كان قتادة يختم القرآن في سبع، وإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاثٍ، فإذا جاء العشر ختم كل ليلةٍ([9])
7- وقال الربيع بن سليمان: كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة، وفي كل شهر ثلاثين ختمة([10])
8- وقال موسى بن معاوية: كان وكيع بن الجراح يقرأ في رمضان في الليل ختمةً وثلثاً، ويصلي ثنتي عشرة من الضحى، ويصلي من الظهر إلى العص([11])
9- وقال محمد بن زهير بن محمد بن قمير: كان أبي يجمعنا في وقت ختمه للقرآن في شهر رمضان في كل يوم وليلة ثلاث مرات، يختم تسعين ختمة في رمضان([12])
10- وقال مسبِّح بن سعيد: كان محمد بن إسماعيل البخاري يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة([13])
11- قال محمد بن علي بن حبيش: كان لأحمد بن عطاء البغدادي في كل يوم ختمة، وفي رمضان تسعون ختمة، وبقي في ختمةٍ مفردةٍ بضع عشرة سنة يتفهَّم ويتدبر([14])
12- وقال القاسم بن علي يصف أباه ابن عساكر صاحب (تاريخ دمشق): وكان مواظباً على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، يختم كل جمعة أو يختم في رمضان كل يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية([15])
13- قال الذهبي في ترجمة أبي البركات هبة الله بن محفوظ: "تفقَّه، وقرأ القرآن، وله صدقة وبرٌّ، كان يختم في رمضان ثلاثين ختمة ([16])
14- قال الذهبي: "سمعت الشيخ عبد الله بن حسن بن محمد الكردي بحرَّان يقول: قرأتُ في رمضان ثلاثين ختمة"([17])